أغلق مكتبة وافتح...
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
أغلق مكتبة وافتح...
للدكتور : عبد الكريم بكار
يقول أحد الباحثين: أسكن في عاصمة من أرقى العواصم العربية، وفي حي من أفضل
أحيائها، وقد رأيت بعيني أمراً محزناً، حيث تم إغلاق أربع مكتبات في ذلك
الحي خلال أربع سنوات، وبالطبع فإنني لا أستطيع أن أحصي عدد المطاعم
والمقاهي ومحلات الملابس ومواد البناء... التي تم افتتاحها في تلك المدة!!
مسألة القراءة واقتناء الكتاب والمساهمة في تطوير المعرفة من المسائل التي
تشكل موضوعاً مقلقاً لكل غيور على مستقبل هذه الأمة، وذلك لأن القراءة
والمزيد من التعلم والمعرفة صارت هي البوابة الوحيدة للتخلص من التخلف
والتبعية، ولهذا فإن إعراض الناس لدينا عن القراءة هو عبارة عن أزمة طاحنة،
هي أكبر بكثير مما نعانيه من مشكلات مثل: البطالة، وإدمان المخدرات،
وارتفاع نسب الطلاق... وما ذلك إلاّ لأن الجهل هو السبب الكامن وراء معظم
المشكلات التي تعاني منها الأمة.
أنا لا أريد هنا أن أقلِّب المواجع،
لكن سيظل من واجب الباحثين والمتخصصين تجلية الواقع أمام الناس بأفضل صورة
ممكنة، وإن مما يجب توضيحه حقيقةَ أننا اليوم نقع في ذيل الأمم على مستوى
شغفنا بالعلم، وعلى مستوى إنتاجه وتطويره ونشره.
وقد أشار أحد الباحثين في آخر مؤتمر عقده اتحاد الناشرين العرب إلى أن
متوسط ما يقرؤه الأوروبي هو خمسة وثلاثون كتاباً في السنة، على حين أن
الإسرائيلي يقرأ ما متوسطه أربعون كتاباً في السنة، أما الشاب الهندي فإنه
يقرأ ما يقارب عشر ساعات أسبوعياً، أما العربي فقد ذكر الباحث أن كل ثلاثة
آلاف ومئتي عربي يقرؤون كتاباً واحداً في السنة! وهذا شيء مخجل ومحزن،
ويمكن أن نجعله مضحكاً أيضاً إذا أحببنا أن نتصور صفاً مكوناً من ثلاثة
آلاف شخص يمرون من جانب كتاب ليلقي كل واحد منهم نظرة عليه، ويقرأ ثلاثة
أسطر أو أربعة، ثم يمضي في سبيله ليعود في عام آخر، ويفعل نحواً من ذلك!!
ليس الفقر هو السبب في هذا، فما تنفقه النساء العربيات على الزينة والحلي
والملابس يتجاوز ما تنفقه المرأة الأوروبية والأمريكية خمسة أو ستة أضعاف
على ذلك، وما ينفقه الشباب العربي على التدخين، وعلى مكالمات الجوال يكفي ـ
من غير مبالغة ـ لشراء مئات الملايين من الكتب سنوياً.
الأسرة غير المتعلمة وغير المهتمة وغير الواعية هي التي تؤسس في عقلية
الطفل، وترسخ في نفسه الاستهانة بالعلم والزهد في الكتاب، وذلك من خلال
إعراض الأبوين عن القراءة وعدم القيام بتأسيس مكتبة منزلية ملائمة للصغار،
ومن خلال عدم تحفيزهم لأبنائهم على القراءة والبحث، ثم تأتي المدرسة لتكمل
المشوار، وذلك حين تختصر المناهج، وتخفف أعباء الواجبات المنزلية، مع تسهيل
الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر، وحين تخفق في تحبيب الكتاب إلى نفوس
الطلاب، ويأتي بعد ذلك دور الحكومات حين تضخ أموالاً طائلة في استثمارات،
وفي إيجاد فرص عمل ووظائف لا يتطلب إشغالها إلاّ القليل من التأهيل العلمي
والقليل من المعرفة الراقية.
ولعلنا جميعاً نلاحظ الأرقام الفلكية للأموال التي تنفق على بناء الفنادق
والمطاعم والملاهي وباقي متطلبات تنشيط السياحة والترفيه!
قد يقول قائل: الوضع فعلاً مأساوي،
فما الذي في مقدورنا أن نفعله؟
وأقول: إن الذي في إمكاننا أن
نفعله كثير للغاية، بل هو أكثر مما نتخيل ونتوقع، ولعل منه الآتي:
1- أن يعتقد كل
واحد منا أن إعراضه عن القراءة وقد صار شاباً أو رجلاً ليس بسبب مؤامرة
كبرى حيكت بليل، وليس بسبب توجيه أي حكومة، كما أنه ليس بسبب تقصير أبويه..
وإنما بسببٍ يعود إليه شخصياً.
2- الإصرار بعزيمة على أن
يقرأ كل واحد منا نصف ساعة على الأقل في كتاب جيد قراءة مثمرة ومركَِّزة.
3- تخصيص 2% من مصروف
الأسرة لشراء الكتب والروايات وقصص الأطفال.
4- العمل على تكوين مكتبة
منزلية بالتدريج وبمشورة كل من في الأسرة.
5- إن المدرسة الجيدة ليست
هي التي تدلل طلابها، والجامعة الجيدة ليست هي التي ينجح طلابها بمجرد
الدراسة أيام الاختبارات، وإنما المدرسة الجيدة والجامعة الجيدة هي التي
يشعر الطالب خلال دراسته فيها أنه مضغوط، وأنه لا يشبع النوم، ويشعر أن
الوقت غير كافٍ لأداء ما يُطلب منه.. هذه المؤسسة التعليمية هي التي تجعل
المنتسب إليها يعرف قدر العلم وأهمية الكتاب.
6- لابد لكل قطر إسلامي من
تبني مشروع وطني عملاق يساهم فيه المثقفون ورجال الأعمال وكل محبي
المعرفة، وذلك من أجل ترسيخ عادة القراءة في المجتمع، وتشجيع نشر الكتب
الجيدة، وتوفير أماكن جيدة وكثيرة لممارسة نشاط القراءة.
إن مشكلة الإعراض عن القراءة لو كانت
من صنع عدو لوجب علينا أن نخوض معه حرباً مفتوحة حتى نتخلص منه
ومنها، أمَا والمشكلة من صنع أيدينا، فإنها تتطلب منا وقفة صادقة مع النفس،
وحرقة على الأجيال الجديدة تشبه حرقة الأمهات.
يقول أحد الباحثين: أسكن في عاصمة من أرقى العواصم العربية، وفي حي من أفضل
أحيائها، وقد رأيت بعيني أمراً محزناً، حيث تم إغلاق أربع مكتبات في ذلك
الحي خلال أربع سنوات، وبالطبع فإنني لا أستطيع أن أحصي عدد المطاعم
والمقاهي ومحلات الملابس ومواد البناء... التي تم افتتاحها في تلك المدة!!
مسألة القراءة واقتناء الكتاب والمساهمة في تطوير المعرفة من المسائل التي
تشكل موضوعاً مقلقاً لكل غيور على مستقبل هذه الأمة، وذلك لأن القراءة
والمزيد من التعلم والمعرفة صارت هي البوابة الوحيدة للتخلص من التخلف
والتبعية، ولهذا فإن إعراض الناس لدينا عن القراءة هو عبارة عن أزمة طاحنة،
هي أكبر بكثير مما نعانيه من مشكلات مثل: البطالة، وإدمان المخدرات،
وارتفاع نسب الطلاق... وما ذلك إلاّ لأن الجهل هو السبب الكامن وراء معظم
المشكلات التي تعاني منها الأمة.
أنا لا أريد هنا أن أقلِّب المواجع،
لكن سيظل من واجب الباحثين والمتخصصين تجلية الواقع أمام الناس بأفضل صورة
ممكنة، وإن مما يجب توضيحه حقيقةَ أننا اليوم نقع في ذيل الأمم على مستوى
شغفنا بالعلم، وعلى مستوى إنتاجه وتطويره ونشره.
وقد أشار أحد الباحثين في آخر مؤتمر عقده اتحاد الناشرين العرب إلى أن
متوسط ما يقرؤه الأوروبي هو خمسة وثلاثون كتاباً في السنة، على حين أن
الإسرائيلي يقرأ ما متوسطه أربعون كتاباً في السنة، أما الشاب الهندي فإنه
يقرأ ما يقارب عشر ساعات أسبوعياً، أما العربي فقد ذكر الباحث أن كل ثلاثة
آلاف ومئتي عربي يقرؤون كتاباً واحداً في السنة! وهذا شيء مخجل ومحزن،
ويمكن أن نجعله مضحكاً أيضاً إذا أحببنا أن نتصور صفاً مكوناً من ثلاثة
آلاف شخص يمرون من جانب كتاب ليلقي كل واحد منهم نظرة عليه، ويقرأ ثلاثة
أسطر أو أربعة، ثم يمضي في سبيله ليعود في عام آخر، ويفعل نحواً من ذلك!!
ليس الفقر هو السبب في هذا، فما تنفقه النساء العربيات على الزينة والحلي
والملابس يتجاوز ما تنفقه المرأة الأوروبية والأمريكية خمسة أو ستة أضعاف
على ذلك، وما ينفقه الشباب العربي على التدخين، وعلى مكالمات الجوال يكفي ـ
من غير مبالغة ـ لشراء مئات الملايين من الكتب سنوياً.
الأسرة غير المتعلمة وغير المهتمة وغير الواعية هي التي تؤسس في عقلية
الطفل، وترسخ في نفسه الاستهانة بالعلم والزهد في الكتاب، وذلك من خلال
إعراض الأبوين عن القراءة وعدم القيام بتأسيس مكتبة منزلية ملائمة للصغار،
ومن خلال عدم تحفيزهم لأبنائهم على القراءة والبحث، ثم تأتي المدرسة لتكمل
المشوار، وذلك حين تختصر المناهج، وتخفف أعباء الواجبات المنزلية، مع تسهيل
الانتقال من مستوى دراسي إلى آخر، وحين تخفق في تحبيب الكتاب إلى نفوس
الطلاب، ويأتي بعد ذلك دور الحكومات حين تضخ أموالاً طائلة في استثمارات،
وفي إيجاد فرص عمل ووظائف لا يتطلب إشغالها إلاّ القليل من التأهيل العلمي
والقليل من المعرفة الراقية.
ولعلنا جميعاً نلاحظ الأرقام الفلكية للأموال التي تنفق على بناء الفنادق
والمطاعم والملاهي وباقي متطلبات تنشيط السياحة والترفيه!
قد يقول قائل: الوضع فعلاً مأساوي،
فما الذي في مقدورنا أن نفعله؟
وأقول: إن الذي في إمكاننا أن
نفعله كثير للغاية، بل هو أكثر مما نتخيل ونتوقع، ولعل منه الآتي:
1- أن يعتقد كل
واحد منا أن إعراضه عن القراءة وقد صار شاباً أو رجلاً ليس بسبب مؤامرة
كبرى حيكت بليل، وليس بسبب توجيه أي حكومة، كما أنه ليس بسبب تقصير أبويه..
وإنما بسببٍ يعود إليه شخصياً.
2- الإصرار بعزيمة على أن
يقرأ كل واحد منا نصف ساعة على الأقل في كتاب جيد قراءة مثمرة ومركَِّزة.
3- تخصيص 2% من مصروف
الأسرة لشراء الكتب والروايات وقصص الأطفال.
4- العمل على تكوين مكتبة
منزلية بالتدريج وبمشورة كل من في الأسرة.
5- إن المدرسة الجيدة ليست
هي التي تدلل طلابها، والجامعة الجيدة ليست هي التي ينجح طلابها بمجرد
الدراسة أيام الاختبارات، وإنما المدرسة الجيدة والجامعة الجيدة هي التي
يشعر الطالب خلال دراسته فيها أنه مضغوط، وأنه لا يشبع النوم، ويشعر أن
الوقت غير كافٍ لأداء ما يُطلب منه.. هذه المؤسسة التعليمية هي التي تجعل
المنتسب إليها يعرف قدر العلم وأهمية الكتاب.
6- لابد لكل قطر إسلامي من
تبني مشروع وطني عملاق يساهم فيه المثقفون ورجال الأعمال وكل محبي
المعرفة، وذلك من أجل ترسيخ عادة القراءة في المجتمع، وتشجيع نشر الكتب
الجيدة، وتوفير أماكن جيدة وكثيرة لممارسة نشاط القراءة.
إن مشكلة الإعراض عن القراءة لو كانت
من صنع عدو لوجب علينا أن نخوض معه حرباً مفتوحة حتى نتخلص منه
ومنها، أمَا والمشكلة من صنع أيدينا، فإنها تتطلب منا وقفة صادقة مع النفس،
وحرقة على الأجيال الجديدة تشبه حرقة الأمهات.
رد: أغلق مكتبة وافتح...
مشكور أخي الكريم عابر
مجهوداتك نورت المنتدي أكثر وأكثر
مجهوداتك نورت المنتدي أكثر وأكثر
البحر الوافر- مشرف المنتدى الإسلامي
- تاريخ التسجيل : 04/11/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء سبتمبر 03, 2014 9:50 pm من طرف Ahmed mahmoud
» ملتقى التوظيف الثامن عشر بكلية هندسة جامعة القاهرة من يومى 28/29 ابريل
الجمعة أبريل 26, 2013 5:38 am من طرف egyptian boy
» Java Standard Edition(J2SE) in Cairo By AMIT Learning
الإثنين فبراير 04, 2013 4:17 pm من طرف soha hamdy
» دبلومة الاي فون (iPhone) فى مصر فى مركز AMIT Learning
السبت فبراير 02, 2013 8:45 pm من طرف Fateema Ahmed
» طلب مساعده ضرووووووووووووووورى
السبت مايو 19, 2012 10:09 pm من طرف arc_hossam
» كورس الاى فون ( iphone course in AMIT Learning)
الثلاثاء أغسطس 16, 2011 5:16 pm من طرف rotna
» iPhone Development Diploma in Egypt
الإثنين أغسطس 08, 2011 3:06 pm من طرف rotna
» لو انت طالب من دفعة إعدادي الجديدة يبقى تدخل هنا
الثلاثاء أغسطس 02, 2011 11:27 am من طرف мя. ρħ∂ήţσм
» Embedded Software Diploma In Egypt
الثلاثاء أغسطس 02, 2011 4:12 am من طرف rotna
» TOEFL IBT & IELTS TEST PREPARATION COURSE WITH EMAN HAFEZ IN EGYPT In AMIT Learning
الأربعاء يوليو 20, 2011 7:32 pm من طرف rotna
» TOEFL IBT & IELTS TEST PREPARATION WITH EMAN HAFEZ IN EGYPT In AMIT Learning
الإثنين يوليو 18, 2011 8:15 pm من طرف rotna
» TOEFL IBT & IELTS TEST PREPARATION WITH EMAN HAFEZ IN EGYPT In AMIT Learning
الإثنين يوليو 18, 2011 7:57 pm من طرف rotna
» Embedded Systems Diploma in AMIT Learning
الخميس يوليو 07, 2011 6:16 pm من طرف rotna
» اغتنم فرصة 70 % دعم لدورتي CCNA + MCITP من pioneers Academy
الأحد يونيو 26, 2011 4:00 pm من طرف angel_eye
» ENHANCE YOUR ENGLISH DIPLOMA In AMIT Learning
السبت يونيو 25, 2011 8:45 pm من طرف rotna